“التعامل بلطف وحماية الآخرين بدلاً من إلحاق الأذى بهم هو خيار واعٍ يرتقي بإنسانيتنا ويجعلنا أكثر قربًا من جوهرنا النقي. حين نختار أن نكون لطفاء، نمنح من حولنا شعورًا بالأمان، نحتضنهم بدلًا من أن ندفعهم بعيدًا، ونفتح قلوبنا لهم ليجدوا فيها ملاذًا من صعوبات الحياة.
لطفنا هو انعكاس لقوة داخلية حقيقية؛ فهو ليس ضعفًا أو استسلامًا، بل هو قدرة على احتواء الآخرين وتفهم احتياجاتهم ومشاعرهم، حتى عندما تكون تصرفاتهم قد آذتنا. أن نختار اللطف في وقت نملك فيه القدرة على الرد بقسوة، هو بمثابة انتصار على دوافعنا السلبية، وهو في الوقت ذاته رسالة واضحة للعالم بأننا نتطلع لنشر السلام والرحمة، لا العداء.
خذ مثالًا، عندما يخطئ أحدهم بحقنا، ربما عن قصد أو دون قصد، يمكننا أن نختار العفو بدلًا من الانتقام. يمكننا أن نتحدث معه بلهجة هادئة ونسأله عمّا دفعه لهذا التصرف، لعلنا نفهم دوافعه ونجد جسرًا للتواصل والتسامح. في هذه اللحظة، نحن لا نحميه فحسب، بل نحمي أنفسنا أيضًا من مشاعر الغضب والسلبية، ونمنح قلوبنا راحة وهدوءًا.
ومثال آخر هو عندما نرى شخصًا يعاني أو يمر بوقت عصيب. بدلاً من أن ننتقده أو نحكم عليه، نختار أن نقدم له الدعم. نمدّ له يد المساعدة، نسمع كلماته، ونشعر بما يمر به. هذا الدعم قد يكون بسيطًا ككلمة مشجعة أو ابتسامة، لكنه يحمل في طياته دفئًا وراحة قد تكون ما يحتاجه ليتجاوز محنته.
الحماية الحقيقية هي أن نكون عونًا لمن حولنا، سواء كانوا غرباء أم أحباء. أن نرى في كل إنسان إنسانًا آخر يستحق أن يعيش بكرامة وسلام، وأن نختار أن نكون مصدر أمان له. فعندما نحمي الآخرين بلطفنا، نخلق دائرة من العطاء تزداد اتساعًا لتشملنا نحن أيضًا. في النهاية، نحن لا نصنع معروفًا للآخرين فقط، بل ننمّي داخلنا بذور الحب والرحمة، وننير حياتنا وحياة من حولنا بضياء الطيبة.
لذلك، لنختر اللطف، وليكن درعنا، ولنجعل من قلوبنا ملاذًا للآخرين. فما نقدمه من حب وحماية للآخرين هو ما نحصده في أرواحنا، حياةً وراحة ورضا.”
تعليقات
إرسال تعليق