“ألا نصدر أحكامًا أو توقعات على أجسادنا” هو قرار ينطوي على احترام عميق للنفس، والتعامل مع الجسد بقبول وتقدير، بعيدًا عن الانتقادات أو المقارنات. في كثير من الأحيان، قد نحمل توقعات عالية لأجسادنا، سواء من حيث الشكل، الأداء، أو التحمل، دون مراعاة اختلافاتنا الفردية وقدرات أجسادنا المتنوعة. عندما نمارس هذا القبول، نصبح أكثر انسجامًا مع أنفسنا ونبدأ بالنظر إلى الجسد كرفيق في الرحلة، وليس كمشروع يجب تعديله أو الحكم عليه.
كيف نتبنى هذا المبدأ؟
1. التركيز على ما يستطيع الجسد فعله، لا على شكله:
• مثال: بدلاً من النظر إلى العضلات أو القياسات، يمكننا التركيز على قدرة الجسد على القيام بأنشطة مثل المشي، التنفس، والضحك. عندما نحترم هذه القدرات البسيطة، نتوقف عن مقارنة أنفسنا بالمعايير المثالية أو النماذج التي نراها في وسائل الإعلام.
2. التقدير الذاتي بدلاً من التقييم المستمر:
• مثال: إذا كنا نشعر بالتعب أو الإرهاق، يمكننا أن نسمح لأنفسنا بالراحة دون الشعور بالذنب، بدلاً من انتقاد أنفسنا لعدم القيام بمزيد من المهام. على سبيل المثال، إذا كنت تمارس الرياضة وشعرت أن طاقتك ليست كافية اليوم، يمكنك الاستماع لجسدك، وتقدير هذه الراحة كجزء من العناية بالنفس.
3. التركيز على الصحة أكثر من الشكل:
• مثال: بدلاً من التركيز على خسارة الوزن أو الحصول على مظهر معين، يمكننا أن نتبنى نظام حياة صحي يجعلنا نشعر بالنشاط والحيوية. مثلًا، تناول الطعام المغذي وممارسة التمارين التي تشعرنا بالراحة بدلاً من اتباع نظام قاسٍ أو ممارسة رياضة شاقة فقط للوصول إلى شكل معين.
4. التوقف عن المقارنات مع الآخرين:
• مثال: عندما نقارن أنفسنا بالآخرين، نفقد التقدير الفريد لأجسادنا. بدلاً من أن نقول: “أتمنى لو كنت أبدو مثل شخص معين”، يمكننا أن نتذكر أن جسدنا فريد وله قصته الخاصة، وأن لكل شخص ظروفه وجيناته وتحدياته المختلفة. إذا رأيت شخصًا يبدو في شكل لائق، بدلاً من أن تشعر بنقص، يمكنك أن تشعر بالإلهام لتحسين صحتك دون الضغط على نفسك.
5. الاحتفاء بالتغييرات الطبيعية:
• مثال: في مرحلة الشيخوخة أو تغيرات العمر، يمكن أن نرى تلك العلامات كعلامات على النمو والنضج، بدلاً من علامات على “التدهور”. بدلاً من انتقاد تجاعيد الوجه، يمكننا أن نحتفي بها كتذكير بالأوقات والتجارب التي عشناها. عندما تظهر علامات مثل الشعر الأبيض أو تغيرات الجسم، يمكننا أن نرى ذلك كجزء من رحلة الحياة بدلًا من شيء يجب محاربته.
الخاتمة
أن نتحرر من الأحكام والتوقعات على أجسادنا هو هدية نقدمها لأنفسنا. عندما نتوقف عن تقييم جسدنا على أساس ما إذا كان “مثاليًا” وفق معايير المجتمع أو الإعلام، نبدأ في العيش بسلام مع ذواتنا، ونستمتع بنعمة الصحة والحركة والطاقة. القبول هو رحلة نحو حب الذات والراحة النفسية، وكلما اعتنينا بجسدنا بحب واحترام، شعرنا بمزيد من السلام والسعادة، لأننا أصبحنا قادرين على رؤية أنفسنا بعيون متفهمة وداعمة.
تعليقات
إرسال تعليق