فاطمة اسكندراني

 العيش في اللحظة، أو ما يُعرف بـ”اليقظة” هو مهارة تساعد على التركيز على الحاضر بدلاً من الانشغال بالماضي أو المستقبل. ممارسة هذه المهارة تزيد من الشعور بالسلام الداخلي والسعادة. إذا كنت تسعى للعيش في اللحظة بشكل أعمق، هنا بعض النصائح والتمارين التي يمكن أن تساعدك:


1. التركيز على التنفس


• التنفس هو وسيلة قوية لتوجيه انتباهك إلى اللحظة الحالية. عندما تركز على كل شهيق وزفير، يعود انتباهك إلى الحاضر.

• تمرين بسيط: اجلس في مكان هادئ، ركز على أنفاسك، وراقب كيف يدخل الهواء ويخرج. إذا شعرت أن ذهنك بدأ يتيه، عد برفق إلى مراقبة تنفسك.


2. ممارسة اليقظة في الأنشطة اليومية


• حاول أن تمارس اليقظة أثناء القيام بالأنشطة العادية مثل تناول الطعام، المشي، أو غسل الصحون. ركز على كل تفاصيل النشاط: الألوان، الأصوات، الروائح، والملمس.

• مثال: عند تناول الطعام، تذوق كل قضمة ببطء، وركز على النكهات، الرائحة، والملمس. سيساعدك ذلك على الاستمتاع بالطعام والشعور بالرضا.


3. ملاحظة الأفكار دون التفاعل معها


• من الطبيعي أن تأتي أفكار حول الماضي أو المستقبل، لكن الهدف هو ملاحظتها دون الانشغال بها. بدلاً من التفكير فيها بشكل مفرط، اعترف بوجودها ثم دعها تمر.

• تمرين بسيط: تخيل أفكارك كغيوم عابرة في السماء. كلما ظهرت فكرة، راقبها وهي تمر دون أن تتعلق بها.


4. التواصل مع الحواس الخمس


• استخدام الحواس الخمس يساعدك على البقاء حاضرًا. اسأل نفسك: ماذا أرى الآن؟ ماذا أسمع؟ ماذا أشعر بلمسه؟ ماذا أشم؟ وماذا أتذوق؟

• مثال: أثناء المشي في الطبيعة، ركز على الشعور بالهواء على بشرتك، أصوات العصافير، والألوان من حولك. هذا يساعدك على الاندماج في اللحظة.


5. التحرر من الحكم على الذات


• تجنب الحكم على نفسك أو تجاربك. اليقظة تدعو إلى قبول الحاضر كما هو دون الرغبة في تغييره. إذا شعرت بمشاعر سلبية أو مواقف غير مريحة، حاول أن تقبلها بدون حكم أو مقاومة.

• مثال: إذا كنت تشعر بالقلق، لاحظ هذا الشعور وقل لنفسك: “أشعر بالقلق الآن، وهذا طبيعي”. اسمح لهذا الشعور بالوجود دون أن تحاول دفعه بعيدًا.


6. التوقف لبضع لحظات أثناء اليوم


• خصص بضع لحظات يوميًا للتوقف والاستماع إلى ما يحدث داخلك وحولك. أحيانًا نكون منشغلين للغاية حتى نفقد الاتصال بما نشعر به.

• تمرين بسيط: في كل مرة تشعر فيها بالضغوط، توقف لدقيقة أو دقيقتين. أغلق عينيك، وخذ بعض الأنفاس العميقة، وركز على اللحظة الحالية.


7. ممارسة الامتنان


• الامتنان هو وسيلة فعالة لربطك باللحظة الحالية. عند الشعور بالامتنان، تكون أكثر وعيًا بما لديك في الحاضر بدلاً من القلق بشأن ما تفتقده.

• تمرين: كل يوم، فكر في 3 أشياء تشعر بالامتنان لها في تلك اللحظة، سواء كانت صغيرة أو كبيرة. ستجد أن هذه الممارسة تبقيك في الحاضر وتزيد من مشاعر الرضا.


8. التأمل


• التأمل هو من أفضل الممارسات التي تعزز العيش في اللحظة. من خلال الجلوس بهدوء والتركيز على التنفس أو الأصوات المحيطة، تصبح أكثر وعيًا بالحاضر.

• تأمل بسيط: اجلس في مكان هادئ، أغلق عينيك، وركز على تنفسك أو استمع للأصوات من حولك لمدة 10 دقائق. إذا تشتت ذهنك، عد برفق للتركيز.


9. تجنب الانشغال بالوسائط الرقمية


• التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي غالبًا ما تُبقي الأشخاص خارج اللحظة الحالية. خصص أوقاتًا محددة لابتعادك عن الأجهزة الرقمية وكن حاضرًا تمامًا فيما تفعله.

• نصيحة: حاول أن تبدأ يومك بدون الهاتف أو الكمبيوتر لمدة ساعة. استخدم هذا الوقت للتفكير، قراءة كتاب، أو ممارسة التأمل.


10. التسامح مع الماضي وتركه


• إذا كنت تحمل ندمًا أو مشاعر متعلقة بالماضي، فقد يكون من الصعب العيش في الحاضر. ممارسة التسامح والتحرر من المشاعر السلبية المرتبطة بالماضي تساعدك على التركيز على اللحظة الحالية.

• تمرين: اكتب عن تجربة من الماضي تشعر بالندم أو الألم منها. ثم احرق الورقة أو مزقها كرمز لتحرير نفسك من تلك التجربة.


الخلاصة:


العيش في اللحظة يحتاج إلى تدريب وصبر. مع الممارسة المستمرة لليقظة والتأمل والامتنان، يمكنك تحقيق شعور أعمق بالسلام الداخلي والاستمتاع بالحاضر. التركيز على التنفس، التواصل مع الحواس، وتقبل الذات من أهم الأدوات التي ستساعدك على تحقيق هذا الهدف.

تعليقات

إرسال تعليق

مرآة الأسرار: رحلة نحو النور

مرآة الأسرار: رحلة نحو النور

فاطمة اسكندراني
 مرآة الأسرار: رحلة نحو النور طرقت باب القبو مرة أخرى، شعرت بأنفاسي تتلاحق في الصمت العميق الذي يلف المكان. كان الهواء بارداً، ممزوجاً برائحة قديمة من الغبار والرطوبة. فجأة، سمعت صوت خشخشة خافتة من الداخل، وكأن شيئاً ما يتحرك. تساءلت إن كان هناك أحد، أو ربما شيء آخر ينتظرني خلف هذا الباب. قلبت الأفكار في رأسي، هل أفتح الباب أم أعود أدراجي؟ لكن فضولي كان أقوى من خوفي. مددت يدي نحو المقبض البارد، وفتحته ببطء، فأصدر الباب صريراً حاداً اخترق الصمت. ما الذي يمكن أن يكون مختبئاً في أعماق هذا القبو؟ فتحت الباب بالكامل، وكشفت الظلمة التي تلف القبو بظلالها الغامضة. خطوت إلى الداخل بحذر، والنور الخافت من الخارج بالكاد كان كافياً لرؤية ما أمامي. الأرضية كانت خشنة تحت قدمي، وأصوات الخطوات تتردد في كل زاوية. فجأة، شعرت بشيء غير مرئي يتحرك في الهواء من حولي. توقفت للحظة، أنصت بكل حواسي، ثم سمعت صوتاً منخفضاً، أشبه بهمسة بعيدة، ولكنه واضح: “ماذا تريد؟” تجمدت في مكاني. هل كان هذا الصوت حقيقياً أم مجرد تهيؤات؟ رددت بصوت مرتجف: “من هناك؟” لكن الصمت عاد ليخيم من جديد، وكأن القبو ابتلع كل شيء. أمعنت ا...
اقرأ المزيد...

لا تخافي يا بنتي

فاطمة اسكندراني
  أتتني خائفه ترجف تبكي حضنتها     طمنتها     ورتبت علي شعرها وهمست في آذنتها ما يحزنك يا صغيرتي قالت أخذت نفسًا عميقًا ومسحت دموعها الصغيرة التي انسابت على وجنتيها. نظرت إلي بعينين متعبتين، مليئتين بالحزن والخوف، وكأنها كانت تحمل العالم بأسره على كتفيها الصغيرتين. همست بصوت خافت، كأنه سر تخشى أن يعرفه أحد: “أخاف يا أمي… أخاف أن أكون وحدي، وأن يختفي كل شيء أحبّه.” أحطت وجنتيها بيديّ، ونظرت في عينيها مباشرةً. قلت لها بصوت دافئ، يشبه الوعد الذي لن ينكسر: “أنتِ لست وحدك، ولن تكوني أبدًا. أنا هنا، سأبقى بجانبك دائمًا، أنتِ أمني وأنتِ عالمي، وأعدك أن كل شيء سيكون على ما يرام.” هدأت قليلًا، لكنها كانت ما زالت بحاجة لكلمات تطمئن قلبها أكثر. احتضنتها مرة أخرى، وقلت: “الحياة يا صغيرتي مليئة بالأشياء الجميلة والأشخاص الطيبين. والأيام الصعبة ستأتي وتذهب، لكنها لن تأخذ منا كل شيء. ما نحب يبقى في قلوبنا، ولا يمكن لأحد أن يسرق ذلك منا.” أخذت يديها الصغيرتين بين يديّ وهمست مجددًا: “أنتِ شجاعة، وأعلم أن قلبك الصغير يمكنه مواجهة كل شيء. وكلما شعرت بالخوف، تذكري أنني هنا، وستجدين...
اقرأ المزيد...