التصرف عكس ما نريد

 التصرف بعكس ما نريد أو ما نعرف أنه الأفضل لنا يحدث لعدة أسباب نفسية وسلوكية. هذا السلوك يمكن أن يكون نتيجة صراعات داخلية أو عوامل خارجية تؤثر في اتخاذ القرارات. إليك بعض الأسباب التي قد تفسر هذا التصرف:


1. الصراع بين العقل الواعي واللاواعي:


أحيانًا نرغب بشيء على المستوى الواعي (مثل اتخاذ قرار إيجابي أو صحي)، ولكن على المستوى اللاواعي، قد تكون هناك مخاوف أو مشاعر غير واعية تعيقنا. العقل اللاواعي قد يكون مبرمجًا بعادات أو معتقدات قديمة تدفعنا للتصرف بطريقة لا تتماشى مع أهدافنا.


مثال: قد تعرف أنك بحاجة لممارسة الرياضة، لكن اللاوعي المرتبط بالراحة أو الخوف من التغيير يدفعك للتجنب.


2. المماطلة والخوف من الفشل:


الخوف من الفشل أو الشعور بعدم الكفاءة يمكن أن يدفعنا لتجنب القيام بما نريد حقًا. نتصرف بعكس ما نرغب كوسيلة لحماية أنفسنا من الشعور بالإحباط أو الفشل المحتمل. العقل قد يفضل تجنب التحديات على المخاطرة بالظهور كغير كفء.


مثال: شخص يرغب في بدء مشروع جديد لكنه يخشى من عدم النجاح، فيقوم بالمماطلة أو تجنب البدء من الأساس.


3. التأثيرات الاجتماعية والضغوط الخارجية:


في بعض الأحيان، ما نريده بصدق يتعارض مع التوقعات الاجتماعية أو الضغوط الخارجية، وهذا يدفعنا للتصرف بعكس ما نرغب. رغبة الإنسان في التوافق مع المجتمع أو العائلة قد تدفعه لاتخاذ قرارات لا تعكس ما يريده حقًا.


مثال: شخص يريد اتباع مسار وظيفي مختلف عن المتوقع منه، لكنه يختار الاستمرار في عمله الحالي خوفًا من خيبة أمل الآخرين.


4. العادات والروتين:


عندما تكون لدينا عادات راسخة، قد نجد أنفسنا نكرر تصرفات قديمة دون وعي كامل، حتى وإن كانت تتعارض مع ما نرغب في تحقيقه. العادات تجعل التصرف التلقائي هو الأقوى، حتى لو كان غير مناسب لطموحاتنا.


مثال: الرغبة في اتباع نظام غذائي صحي، لكن العادة القديمة في تناول الطعام غير الصحي تغلبنا.


5. الخوف من التغيير:


التغيير يتطلب الخروج من منطقة الراحة، وهو أمر يشعر الكثيرون بالرهبة تجاهه. رغم أننا قد نرغب في التغيير، فإن الخوف من المجهول أو من الانزعاج المؤقت الناتج عن التغيير قد يدفعنا للبقاء في نفس الوضع.


مثال: شخص يرغب في الانتقال إلى مدينة جديدة لتجربة حياة مختلفة، لكنه يتجنب اتخاذ القرار خوفًا من عدم التكيف.


6. التناقضات الداخلية (التناقض المعرفي):


هذا يحدث عندما تتعارض أفكارنا أو معتقداتنا مع تصرفاتنا. على سبيل المثال، قد نؤمن بأننا نريد شيئًا معينًا، لكن هناك أفكار أخرى تتعارض معه تجعلنا نتصرف بعكس ذلك.


مثال: شخص يريد التوقف عن التدخين لكنه يستمر في التدخين لأن اللاوعي يرى أن التدخين يلبي حاجة نفسية، مثل التخلص من التوتر.


7. غياب الدافع الحقيقي:


أحيانًا نتصرف عكس ما نريد لأن الدافع وراء رغبتنا ليس قويًا بما يكفي. إذا لم يكن هناك شغف حقيقي أو أسباب قوية تدفعنا لتحقيق هدف معين، قد نجد أنفسنا نتراجع أو نتصرف بشكل يتعارض مع ذلك الهدف.


الخلاصة:


التصرف بعكس ما نريد غالبًا ما يرتبط بالصراعات الداخلية، العادات، أو المخاوف. فهم هذه العوامل والوعي بها هو الخطوة الأولى للتغلب على هذا السلوك وتبني تصرفات تتماشى مع أهدافنا الحقيقية.

تعليقات

مرآة الأسرار: رحلة نحو النور

مرآة الأسرار: رحلة نحو النور

لا تخافي يا بنتي