الشبه بيننا وبين البحر
البحر يشبهنا في كثير من جوانب حياتنا؛ فكما نتغير ونتأرجح بين سكون وصخب، كذلك البحر يتبدل بين أمواج هادئة وثائرة. حين نقف أمام البحر، نشعر بأنه يعكس مشاعرنا ويستمع لهمومنا دون أن يحكم علينا، كصديق قديم يعرفنا جيدًا.
في كل مرة نقف أمامه، يعيد إلينا ذكريات وتجارب منسية، ويمنحنا جرعة من السلام. ربما لأننا نرى في أمواجه قصصًا من حياتنا، في حين تذكرنا أعمق نقاطه بأحلامنا وطموحاتنا التي لم نصل إليها بعد، لكنها تظل جزءًا منا، تنتظر اللحظة المناسبة لتطفو.
إنه ليس فقط جمالًا طبيعيًا، بل هو رحلة نحو الذات، وشاهدٌ على قصص لم نخبرها لأحد سوى للموج الذي يأخذ أسرارنا ويخفيها بعيدًا.
البحر يُشبه كتابًا مفتوحًا لا ينتهي، نقرأ فيه حكاياتنا ونستعيد فيه ذكرياتنا. إنه مرآة واسعة نرى فيها أصدق صورنا، بعيدًا عن ضجيج الحياة وتحدياتها. عندما نقف أمام البحر، نشعر بأنه يشاركنا أفراحنا وأحزاننا، كأن كل موجة تحمل همًّا نلقيه بعيدًا، وكل نسمة هواء تمنحنا طاقة وتجدد أرواحنا.
صوت الأمواج وهديرها يشبه نغمة داخلية تعيد إلينا توازننا، كأننا نجد فيه أنفسنا من جديد. ولعل سرّ البحر يكمن في هذا التضاد الساحر؛ فهو يحتضن الحياة والموت، الصمت والصخب، السكينة والعاصفة. إنه يمنحنا كل شيء دون أن يأخذ شيئًا، ويعلّمنا كيف نكون أقوياء في العمق، وكيف نُظهر هدوءًا رغم العواصف.
البحر أيضًا يلهمنا كيف نحلم؛ فكما لا تعرف أمواجه حدودًا، كذلك أحلامنا وطموحاتنا. يعلمنا البحر أن كل شيء ممكن إذا امتلكنا الشجاعة للغوص في الأعماق، واستكشاف ما وراء الظاهر.
تعليقات
إرسال تعليق