حلم غريب

 وقف امام الباب ينظر اليه كعادة ويحدثه اريد ان اعلم ماذا في الداخل تمنعني من معرفته لابد ان ياتي يوم وافتحك واعرف ماذا تخبي من اسرار 

وقفت أمام الباب، أنظر إليه كما أفعل دائمًا، وتذكرت كيف كان يبدو لي غامضًا ومشوقًا. تلك العلامات التي غطت زواياه، والظل الذي كان يتراقص خلفه كأن هناك شيئًا حيًا بداخله، جعلني أشعر بمزيج من الفضول والخوف.


“لماذا لا تريد أن تخبرني؟” همست لنفسي، متخيلة أن الباب يمكن أن يسمعني. كان يتحدث بصمت، بأسرار مخبأة منذ زمن بعيد. كان يُشعرني بأن خلفه عالمًا آخر ينتظر أن أكتشفه.


كل يوم كان يأتي ويذهب، وأنا أقف هنا، أسأل نفسي إن كنت سأجمع الشجاعة يومًا ما لأفتح هذا الباب. لكن كلما اقتربت، كانت يدي ترتجف وتعود إلى جانبي.


وفي إحدى الليالي، جاءني حلم غريب. رأيت نفسي وأنا أفتح الباب، وأضواء ملونة تتدفق منه كأشعة الشمس. كانت هناك أصوات، ضحكات، وحتى الموسيقى. كان حلمًا جميلًا، لكن عندما استيقظت، عدت إلى الواقع وواجهت الباب الصامت.


“لماذا لا تأتي إلي؟” سألت الباب، وكأنني أنتظر إجابة. لكنني كنت أعلم أنه لا يمكنني البقاء في هذه الحالة إلى الأبد. كان يجب أن أتحلى بالشجاعة، أن أواجه المخاوف التي كانت تقيدني.


وفي صباح يوم مشمس، قررت أن أكون جريئًا. أخذت نفسًا عميقًا، ووضعت يدي على مقبض الباب. “اليوم هو اليوم”، قلت لنفسي. وعندما ضغطت على المقبض وفتحته ببطء، شعرت بقلبي ينبض بسرعة.


كان الداخل مختلفًا عما توقعت. لم يكن مجرد غرفة مظلمة؛ بل كان عالمًا مدهشًا، مليئًا بالألوان والأصوات. هناك، وجدت الأسرار التي كنت أبحث عنها، وكل شيء بدأ في الترتيب.


لم أعد أشعر بالخوف، بل شعرت بالتحرر. كل شيء كنت أعتقد أنه مخيف، أصبح مصدر إلهام لي. كان هذا الباب، الذي منعني من الدخول لسنوات، هو الذي فتح أمامي آفاقًا جديدة، وأظهر لي أن وراء كل سر يكمن فرصة للنمو والاكتشاف.

عندما دخلت إلى ذلك العالم الجديد، انتابني شعور بالدهشة. كانت الجدران مغطاة برسوم ملونة تروي قصصًا غامضة، وكانت هناك كتب مبعثرة على الأرض، تتحدث عن مغامرات لم أعلم بوجودها من قبل. شعرت وكأنني في متاهة من المعرفة والإلهام.


تقدمت ببطء، وكل خطوة كانت تجعلني أشعر وكأنني أكتشف جزءًا من نفسي لم أعرفه من قبل. رأيت نافذة ضخمة تطل على حديقة رائعة، مليئة بالأزهار المتنوعة والأشجار الغريبة. كان المكان مليئًا بالنور، وكأن الحياة تعكس نفسها في كل ركن.


وفي زوايا الحديقة، كانت هناك مجموعة من الأشخاص يتحدثون ويضحكون. اقتربت منهم، ولاحظوا وجودي، ورحبوا بي بحفاوة. كانوا أشخاصًا من خلفيات وثقافات مختلفة، وكان كل واحد منهم يحمل قصة فريدة. بدأوا في سرد تجاربهم وتحدياتهم، وكيف تمكنوا من التغلب عليها.


“لقد كنا جميعًا هنا يومًا ما”، قال أحدهم مبتسمًا. “نحن نتشارك الأسرار التي اكتشفناها في هذا المكان. لقد جاءنا الفضول، وتحررنا من قيودنا.”


شعرت بشعور عميق من الانتماء، كما لو كنت جزءًا من شيء أكبر. بدأت في مشاركتهم قصتي، وكم كنت مترددة في فتح ذلك الباب. كانوا يستمعون لي باهتمام، وكانوا يشجعونني على الاستمرار في استكشاف هذا العالم.


ومع مرور الوقت، أدركت أن هذا الباب لم يكن مجرد ممر إلى عالم جديد، بل كان رمزًا لتجاوز المخاوف والاكتشاف. كلما شاركت أكثر، كلما زادت ثقتي بنفسي. بدأت أستكشف المزيد من الغرف في ذلك المكان، وكل غرفة كانت تحتوي على شيء جديد – أدوات موسيقية، لوحات فنية، كتب قديمة، وكلها كانت تمثل جزءًا من السحر الذي كان ينتظرني.


قررت أن أعود إلى العالم الخارجي، لكن هذه المرة مع رسالة واضحة. لم يعد لدي خوف من فتح الأبواب المغلقة في حياتي. كانت تجربتي في ذلك المكان تعلمني أنه يجب عليّ مواجهة المجهول، وأن الأسرار التي نخاف منها قد تحمل في طياتها كنوزًا من المعرفة والنمو.


وفي الطريق إلى الخارج، التفت إلى الباب، وابتسمت. “شكرًا لك على كل شيء”، همست. “لقد علمتني أن أكون شجاعة.”


وعندما غادرت، كانت الشمس تشرق، وكأنها ترسم بداية جديدة في حياتي. كنت أستعد لمواجهة التحديات القادمة، متسلحة بالثقة التي اكتسبتها. كان كل باب أغلقته في السابق قد أصبح الآن فرصة لاكتشاف نفسي والعالم من حولي.

عندما عدت إلى العالم الخارجي، كان كل شيء يبدو مختلفًا. الهواء كان أنقى، والألوان أكثر إشراقًا. مشيت بخطوات واثقة، وكأنني اكتشفت طاقة جديدة تسري في عروقي. كنت أشعر أنني أخيراً أملك القوة للتغيير، لأواجه كل شيء كان يخيفني في السابق.


بدأت ألاحظ التفاصيل الصغيرة في حياتي اليومية. الأحاديث العادية مع الأصدقاء، ضحكات الأطفال في الشارع، حتى أصوات الطيور وهي تغني في الصباح. كل ذلك كان يحمل طابعًا خاصًا، وكأنني كنت أراها لأول مرة.


وبدأت أسأل نفسي: “ما هي الأبواب الأخرى التي لم أفتحها بعد؟” كانت هذه الفكرة تثير فضولي. قررت أن أبدأ باستكشاف مجالات جديدة، من الفنون إلى العلوم، من السفر إلى التطوع. كل ما كنت أحتاجه هو الإرادة للبدء.


انضممت إلى ورشة فنية محلية، حيث تعلمت الرسم وأحببت التعبير عن مشاعري من خلال الألوان. كما بدأت في المشاركة في نشاطات تطوعية، تساعد الأطفال في الحي، وهو ما جعلني أشعر بالامتنان والسعادة. كان كل تجربة جديدة تعزز ثقتي بنفسي، وتجعلني أدرك أنني أستطيع إحداث فرق.


وبعد فترة، وجدت نفسي أمام الباب مرة أخرى، ولكن هذه المرة لم يكن يخيفني. كان يجسد كل ما تعلمته. قررت أن أفتحه مجددًا، ولكن ليس بحثًا عن الأسرار، بل لمشاركة ما اكتسبته من تجارب مع الآخرين. أدركت أن المعرفة التي حصلت عليها كانت في جوهرها لتكون مرشدًا للآخرين.


تواصلت مع الأصدقاء الجدد الذين التقيتهم في الحديقة، وقمنا بإنشاء مجموعة لدعم بعضنا البعض. كنا نشارك قصصنا، ونتحدث عن التحديات، ونقدم المساعدة عندما يحتاج أحدنا إلى ذلك. كل شخص أضاف لمسة خاصة للمجموعة، وكأننا كنا ننسج خيوطًا من الصداقة والثقة.


ومع مرور الوقت، شعرت أنني أعيش في عالم مختلف تمامًا، عالم يتسم بالتفاؤل والفرص. لم يعد الخوف يعوقني، بل أصبح دافعي للاستمرار في استكشاف ما هو جديد. وكلما فتحت بابًا جديدًا، كلما اكتشفت أن هناك دائمًا أشياء جديدة تستحق الاستكشاف.


وفي نهاية المطاف، أدركت أن الأبواب التي كانت مغلقة ليست مجرد نقاط انتهاء، بل هي بدايات لرحلات جديدة. كنت ممتنة لكل تجربة، وكل درس تعلمته. وكلما تذكرت ذلك الباب القديم، أدركت أنه كان بوابة للحرية، ووسيلة لتحويل المخاوف إلى قوة.


ومع كل يوم جديد، كنت أضع قدمي على أرض جديدة، وأستعد لخوض مغامرات جديدة. لم يكن هناك حدود لما يمكنني تحقيقه، وكانت الفرص تنتظرني في كل زاوية.

مع مرور الوقت، أصبح لدي شجاعة كافية لتحدي أي باب يواجهني في الحياة. كل تجربة جديدة كنت أقبل عليها كانت بمثابة دعوة لاستكشاف ما هو أبعد من حدودي، وتوسيع آفاقي. كان كل باب أفتحه يروي قصة جديدة، ويضيف أبعادًا جديدة لشخصيتي.


في يوم من الأيام، وبينما كنت جالسا مع أصدقائي في الحديقة، رأيت ذلك الباب القديم من بعيد. لم يكن يثير في نفسي أي قلق كما كان يفعل في السابق؛ بل كان يحمل في طياته ذكريات وتجارب تعززني. قررت أن أكتب قصة كل ما عشته، وبدأت في جمع الأفكار والذكريات، لتشكل كتابًا عن الشجاعة والاكتشاف.


عندما انتهيت من الكتابة، قررت أن أشارك قصتي مع الآخرين. نظمت حدثًا صغيرًا في المجتمع، حيث قرأت من كتابي وتحدثت عن تجربتي في مواجهة المخاوف وفتح الأبواب. كانت الوجوه أمامي مليئة بالإلهام، وبدأت أرى بعضهم يشعرون بالشجاعة لتحويل تحدياتهم إلى فرص.


وفي نهاية الحدث، جاء إليّ أحد الحاضرين وقال: “لقد أعطيتني الأمل. أنا أيضًا سأفتح أبوابًا جديدة.” كانت تلك الكلمات بمثابة تأكيد على أن قصتي لم تكن مجرد تجربة شخصية، بل كانت مصدر إلهام للآخرين.


وفي تلك اللحظة، أدركت أن الأبواب ليست مجرد حواجز، بل هي فرص للتواصل والنمو. تعلمت أنه عندما نفتح قلوبنا وعقولنا، فإننا نفتح أبواب الحياة أمام الآخرين أيضًا.


وبينما كنت أغادر الحديقة، شعرت بالامتنان لكل تجربة، ولكل باب ساهم في تشكيل من أنا اليوم. كنت متحمس لمستقبل مليء بالفرص والمغامرات، وعرفت أن كل ما أحتاجه هو الشجاعة لمواجهة المجهول. وهكذا، واصلت رحلتي، مُصمم على فتح كل باب يُقابلني، وكلها فرص جديدة تنتظرني في عالم مليء بالألوان والأحلام.

تعليقات

مرآة الأسرار: رحلة نحو النور

مرآة الأسرار: رحلة نحو النور

لا تخافي يا بنتي