تفاخر الطاووس
تفاخر الطاووس بجماله، نافشًا ريشه الزاهي أمام الطيور الأخرى التي كانت تحيط به مبهورة بجماله الباهر وألوانه الزاهية. وقف هناك متباهياً، كأنه ملك الغابة، يعتقد أن جماله سيجعله الأجمل والأهم بين جميع المخلوقات. لكن، في الزاوية، كان هناك عصفور صغير يراقب المشهد بهدوء، لم يكن لريشه بريق الطاووس ولا لونه، لكنه كان يحمل في قلبه سرًا آخر.
ابتسم العصفور الصغير وقال لنفسه: “الجمال الحقيقي ليس في المظهر الخارجي، بل في الروح والعطاء. الطاووس يجذب الأنظار بجماله، لكن ماذا عن عمق القلب والنية الصافية؟”. تابع العصفور طريقه، يغرد بأغنيته البسيطة، فكانت تلك الأغنية تغذي القلوب بأكثر مما قد يفعله ريش الطاووس الفاتن.
بينما كان الطاووس يستمر في التباهي، بدأ يدرك تدريجيًا أن الجمال الخارجي لا يكفي لجعل الآخرين يشعرون بالقرب منه. كانت الطيور مفتونة، لكن لم يكن أي منها يرغب بالبقاء طويلاً بجانبه. ومع مرور الوقت، بدأ الطاووس يشعر بالوحدة، لأنه فهم أخيرًا أن الجمال الخارجي قد يلفت الأنظار، لكنه لن يبني العلاقات الحقيقية.
ومع مرور الأيام، بدأ الطاووس يشعر بتغيير داخلي. كان يستيقظ في الصباح، ينظر إلى ريشه الزاهي، ولكنه لم يعد يشعر بنفس الفخر الذي كان يشعر به من قبل. أدرك أن جماله لم يجلب له الأصدقاء الحقيقيين، بل جذب الأنظار المؤقتة فقط. وفي إحدى الليالي الهادئة، اقترب من العصفور الصغير الذي لطالما كان يغني أغنيته الجميلة دون أن يسعى لجذب الانتباه.
قال الطاووس للعصفور: “أرى أنك محبوب من الجميع، رغم أنك لا تملك الريش الزاهي مثلي. ما سر ذلك؟”
ابتسم العصفور وقال: “الجمال الخارجي يبهج العيون لفترة قصيرة، ولكن الجمال الداخلي هو الذي يلمس القلوب. أغني للفرح، وأسعى لزرع السعادة في نفوس من حولي. ربما ليس لدي الألوان الجميلة، ولكن لدي صوتي الذي ينبع من قلب مليء بالمحبة والعطاء.”
تأثر الطاووس بكلمات العصفور، وبدأ يفكر في قيمة الجمال الحقيقي. قرر أن يغير طريقته، وبدلاً من التباهي بجماله، بدأ يسعى إلى مساعدة الطيور الأخرى، ومشاركة أوقات الفرح والمرح معهم. شيئًا فشيئًا، بدأ الطيور تقترب منه ليس بسبب ريشه، بل بسبب قلبه الذي بدأ يفيض بالحب والعطاء.
أصبح الطاووس محبوبًا بين الطيور ليس فقط لجماله الخارجي، بل لروحه الطيبة. أدرك أخيرًا أن العلاقات الحقيقية تُبنى على الصدق والإخلاص، وليس على المظاهر الخارجية.
وهكذا، انتهت القصة بتعلم الطاووس درسًا مهمًا: أن الحب والصدق والنية الطيبة هي التي تدوم، وتترك أثرًا أكبر في نفوس الآخرين.
تعليقات
إرسال تعليق