من تلك الشرفة التي تطل على صباحات الحياة، أرى الماضي يلوح لي كحلم جميل، مليء بتفاصيل صغيرة كانت تبدو عادية حينها، لكنها اليوم تحمل وزناً أثقل من الذهب. أتذكر ابتساماتٍ خفية تبادلناها، وضحكاتٍ صادقة تعالت دون حرج، وأحاديث امتدت لساعات طويلة دون ملل. كانت الرياح تحمل لنا كلماتٍ عفوية، وكانت الأوقات تمضي دون أن نلتفت للزمن.


تمر أمامي صور لأشخاص رحلوا أو تغيرت علاقتنا معهم، لكن ذكراهم ما زالت نابضة. أسمع أصواتهم في خيالي، كأنها موسيقى مألوفة تعيدني إلى تلك الأيام. شوارع مشيتها، وأماكن زرتها، وكل زهرة شممت عبيرها تبدو الآن وكأنها صفحات من كتاب مفتوح، كل صفحة تروي قصة.


ولأن الذكريات تحمل في طياتها حنيناً لا ينتهي، أتساءل: هل كنا ندرك في تلك اللحظات أنها ستصبح يوماً ما أجمل ما نمتلك؟ هل عرفنا أن أبسط التفاصيل ستتحول إلى كنوز نحملها في قلوبنا؟


ربما تكمن عظمة الذكريات في أنها تجعلنا نعيش اللحظات مرة أخرى، لكنها تعلمنا أيضاً أن نستمتع بكل يوم نعيشه، لعلّ ما نمر به الآن هو ما سنشتاق إليه غداً.

تعليقات

مرآة الأسرار: رحلة نحو النور

مرآة الأسرار: رحلة نحو النور

لا تخافي يا بنتي