فاطمة اسكندراني

 جعل الامتنان منهجًا لحياتك يتطلب ممارسة واعية ومستدامة يمكن أن تؤثر بشكل كبير على سعادتك ورضاك الشخصي. الامتنان يعزز الإيجابية ويساعد على تحويل تركيزك من ما تفتقده إلى ما تملكه بالفعل. إليك خطوات عملية لتطبيق الامتنان في حياتك مع أمثلة واقعية:


1. ممارسة الامتنان اليومية


• اجعل من الامتنان عادة يومية، عبر تخصيص بضع دقائق كل يوم لتسجيل الأشياء التي تشعر بالامتنان لها.

• مثال: كل صباح أو قبل النوم، اكتب 3 أشياء تشعر بالامتنان لوجودها في حياتك. قد تكون هذه أشياء صغيرة مثل كوب القهوة الذي استمتعت به، أو أحداث كبيرة مثل صحة عائلتك أو إنجاز حققته في العمل.


2. التعبير عن الامتنان للآخرين


• اعتيادك على التعبير عن الامتنان لمن حولك يعزز العلاقات ويعطي معنى أعمق للتفاعل الاجتماعي.

• مثال: إذا قدم لك شخص خدمة أو دعمًا، حتى لو كانت صغيرة، خصص وقتًا لتقديم الشكر له بشكل صادق. سواء كان ذلك برسالة، مكالمة هاتفية، أو ببساطة بالقول “أقدر ما فعلته من أجلي”.


3. التركيز على اللحظات البسيطة


• الامتنان لا يقتصر على الأمور الكبيرة فقط، بل يمكن ممارسته تجاه اللحظات البسيطة في حياتك.

• مثال: أثناء تناول وجبة، ركز على النكهة والملمس، واشعر بالامتنان لوجود هذا الطعام على طاولتك. عندما تمشي في الطبيعة، اشعر بالامتنان لنسمات الهواء أو للشمس التي تدفئ بشرتك.


4. التحرر من المقارنة


• المقارنة بالآخرين يمكن أن تعيق الشعور بالامتنان. حاول أن تركز على ما لديك بدلاً من ما لا تملكه مقارنةً بالآخرين.

• مثال: بدلًا من مقارنة منزلك أو وظيفتك بمن يملك أكثر، حاول أن تشعر بالامتنان لما لديك الآن، وللراحة أو الأمان الذي يوفره لك. امتن لنفسك على التقدم الذي أحرزته في حياتك.


5. إعادة صياغة التحديات


• حتى في الأوقات الصعبة، يمكن للامتنان أن يكون أداة قوية. حاول أن تعيد صياغة التحديات على أنها فرص للتعلم والنمو.

• مثال: إذا واجهت تحديًا في العمل أو في حياتك الشخصية، بدلاً من الشعور بالإحباط، اسأل نفسك: “ما الذي يمكنني تعلمه من هذا؟” وامتن لهذه التجربة لأنها ستزيد من قوتك أو مهاراتك في المستقبل.


6. ممارسة التأمل بالامتنان


• التأمل هو وسيلة رائعة لتعميق ممارسة الامتنان. خصص وقتًا للجلوس بهدوء والتفكير في الأشياء التي تشعر بالامتنان لها.

• مثال: اجلس في مكان هادئ، أغلق عينيك، وخذ بضع أنفاس عميقة. تخيل كل شخص أو موقف في حياتك تشعر بالامتنان له واسمح لنفسك بالشعور بالتقدير تجاههم. هذا التأمل يعزز شعورك بالسلام الداخلي.


7. الاحتفال بالنجاحات الصغيرة


• الاحتفاء بالإنجازات الصغيرة يساعد على تعزيز الامتنان بشكل يومي.

• مثال: عندما تنتهي من مهمة معينة، مهما كانت صغيرة، توقف لبضع لحظات لتقدير ما أنجزته. هذا يمكن أن يكون في العمل أو حتى في الأعمال المنزلية. احتفل بالتقدم مهما كان حجمه.


8. إنشاء عادات الامتنان في العائلة


• جعل الامتنان عادة عائلية يساعد على تعميق الروابط وتعزيز الجو الإيجابي داخل الأسرة.

• مثال: يمكنك أن تبدأ “جلسة امتنان” يومية مع عائلتك، حيث يجلس كل شخص ويشارك شيئًا يشعر بالامتنان له في اليوم. هذا يعزز الوعي الجماعي والاهتمام بالتفاصيل الإيجابية في الحياة.


9. الاحتفاظ بمذكرة امتنان


• هذه المذكرة تكون مخصصة فقط لتسجيل الأشياء التي تشعر بالامتنان لها. فكرة الكتابة تزيد من وعيك بالتجارب الإيجابية.

• مثال: في نهاية اليوم، خذ وقتًا لكتابة 5 أشياء كنت ممتنًا لها، مهما كانت بسيطة. مع الوقت، ستلاحظ كيف يصبح تفكيرك أكثر إيجابية وتقديرًا.


10. الامتنان لما تملكه الآن وليس ما تتوقعه في المستقبل


• الامتنان الحقيقي يأتي من تقدير ما تملكه الآن بدلًا من الانتظار لتحقيق أهداف مستقبلية.

• مثال: بدلًا من التفكير في السعادة التي ستحققها عندما تصل إلى هدف معين، فكر في ما تملكه الآن الذي يجعلك سعيدًا. هذا قد يكون الصحة، العلاقات أو التجارب اليومية التي تعيشها.


الخلاصة:


جعل الامتنان منهجًا لحياتك يتطلب التزامًا يوميًا بالتركيز على الأشياء الجيدة في حياتك والتعبير عن الشكر. من خلال ممارسات بسيطة مثل تسجيل الامتنان، التعبير عن الشكر، وتقدير اللحظات البسيطة، يمكنك تحويل نظرتك للحياة إلى أكثر إيجابية وتوازن، مما يعزز السعادة والرضا بشكل عام.

تعليقات

إرسال تعليق

مرآة الأسرار: رحلة نحو النور

مرآة الأسرار: رحلة نحو النور

فاطمة اسكندراني
 مرآة الأسرار: رحلة نحو النور طرقت باب القبو مرة أخرى، شعرت بأنفاسي تتلاحق في الصمت العميق الذي يلف المكان. كان الهواء بارداً، ممزوجاً برائحة قديمة من الغبار والرطوبة. فجأة، سمعت صوت خشخشة خافتة من الداخل، وكأن شيئاً ما يتحرك. تساءلت إن كان هناك أحد، أو ربما شيء آخر ينتظرني خلف هذا الباب. قلبت الأفكار في رأسي، هل أفتح الباب أم أعود أدراجي؟ لكن فضولي كان أقوى من خوفي. مددت يدي نحو المقبض البارد، وفتحته ببطء، فأصدر الباب صريراً حاداً اخترق الصمت. ما الذي يمكن أن يكون مختبئاً في أعماق هذا القبو؟ فتحت الباب بالكامل، وكشفت الظلمة التي تلف القبو بظلالها الغامضة. خطوت إلى الداخل بحذر، والنور الخافت من الخارج بالكاد كان كافياً لرؤية ما أمامي. الأرضية كانت خشنة تحت قدمي، وأصوات الخطوات تتردد في كل زاوية. فجأة، شعرت بشيء غير مرئي يتحرك في الهواء من حولي. توقفت للحظة، أنصت بكل حواسي، ثم سمعت صوتاً منخفضاً، أشبه بهمسة بعيدة، ولكنه واضح: “ماذا تريد؟” تجمدت في مكاني. هل كان هذا الصوت حقيقياً أم مجرد تهيؤات؟ رددت بصوت مرتجف: “من هناك؟” لكن الصمت عاد ليخيم من جديد، وكأن القبو ابتلع كل شيء. أمعنت ا...
اقرأ المزيد...

لا تخافي يا بنتي

فاطمة اسكندراني
  أتتني خائفه ترجف تبكي حضنتها     طمنتها     ورتبت علي شعرها وهمست في آذنتها ما يحزنك يا صغيرتي قالت أخذت نفسًا عميقًا ومسحت دموعها الصغيرة التي انسابت على وجنتيها. نظرت إلي بعينين متعبتين، مليئتين بالحزن والخوف، وكأنها كانت تحمل العالم بأسره على كتفيها الصغيرتين. همست بصوت خافت، كأنه سر تخشى أن يعرفه أحد: “أخاف يا أمي… أخاف أن أكون وحدي، وأن يختفي كل شيء أحبّه.” أحطت وجنتيها بيديّ، ونظرت في عينيها مباشرةً. قلت لها بصوت دافئ، يشبه الوعد الذي لن ينكسر: “أنتِ لست وحدك، ولن تكوني أبدًا. أنا هنا، سأبقى بجانبك دائمًا، أنتِ أمني وأنتِ عالمي، وأعدك أن كل شيء سيكون على ما يرام.” هدأت قليلًا، لكنها كانت ما زالت بحاجة لكلمات تطمئن قلبها أكثر. احتضنتها مرة أخرى، وقلت: “الحياة يا صغيرتي مليئة بالأشياء الجميلة والأشخاص الطيبين. والأيام الصعبة ستأتي وتذهب، لكنها لن تأخذ منا كل شيء. ما نحب يبقى في قلوبنا، ولا يمكن لأحد أن يسرق ذلك منا.” أخذت يديها الصغيرتين بين يديّ وهمست مجددًا: “أنتِ شجاعة، وأعلم أن قلبك الصغير يمكنه مواجهة كل شيء. وكلما شعرت بالخوف، تذكري أنني هنا، وستجدين...
اقرأ المزيد...