سرد البحر قصه من قصص
السابقين
قصة بحارعشق حورية البحر
العميق
تغنى بجمالها ليال و سنين
تظهر فتنير دنياه كشمس تشع
من الجبين
تختفي فيغيب معها قمر العاشقين
تداولت قصته البحارى المسافرين
نسجت حكايته على شباك
الصيادين
كان هذا البحار شابًا جريئًا لا يخاف المجهول، يجوب البحار بمركبه الصغير، عاشقًا للأمواج وأسرار الأعماق. في إحدى الليالي الهادئة، بينما كان مركبه ينساب على وجه الماء، لمح من بعيد شعاعًا غريبًا يتراقص تحت سطح البحر. لم يكن ضوء القمر، بل كان نورًا أعمق، أنقى، يختبئ بين الأمواج كسر دفين. اقترب بحذر، وعندما وصل، رأى ما لم يره من قبل: حورية بحر، جمالها يسلب الأنفاس، شعرها يتراقص مع الأمواج كأنها حرير، وعيناها تشعان كأنهما نجمتان سابحتان في سماء الليل.
في لحظة واحدة، وقع البحار في حبها. بدأ يغني لها، مستخدمًا كلمات البحر وألحانه، وكل ليلة كان يعود إلى نفس المكان ليلتقيها. كانت الحورية تستمع إلى ألحانه بصمت، تبتسم بخجل وتضيء له عتمة الليل. لكنه، مع كل لقاء، كان يعرف أن هذا الحب محكوم عليه بالغموض، لأنها لا تظهر إلا تحت جنح الظلام وتختفي مع أول خيوط الفجر، تاركة قلبه يشتعل بالشوق.
طوال الليالي والسنين، استمر البحار يغني لحبيبته الحورية، يبحر في كل مساء على أمل أن يراها. كانت تشرق في حياته كالشمس التي لا تذيب الجليد بل تملأ قلبه بالدفء. كلما ظهرت له، تلاشى كل حزن وهم، وكلما غابت، غاب معها الفرح، كأن غيابها يطفئ القمر ويجعل الليل أطول وأثقل.
تداولت قصته البحارة والصيادون، أصبحوا يروون حكايته في الأمسيات الطويلة على الشواطئ والمرافئ. كانوا ينسجون أساطير حول هذا العشق المحروم، يحكون كيف أن البحار لم يكن يغني لأجل نفسه فقط، بل لأجل كل من عاش الحب في صمت، ولم يصل إلى محبوبه. حاك الصيادون شباكهم على أمل أن يجذبوا بها بعضًا من هذا السحر الذي كان يغمر البحار في كل ليلة، علهم يظفرون بنور تلك الحورية أو يسطرون أسطورة عشق أخرى في صفحات البحر.
لكن في إحدى الليالي العاصفة، غاب البحار، ولم يعد. قيل إنه أبحر بعيدًا خلف حوريته إلى الأعماق، تاركًا خلفه مركبه وأغانيه تهمس مع الرياح. وقيل إن الحورية أخذته معها إلى عالمها السري تحت الأمواج، حيث لا يستطيع البشر الوصول. ترك البحار قصة تتناقلها الأجيال، وأغنية عشق لا تزال ترددها الأمواج كلما هبت الرياح وامتلأت السماء بالنجوم.
تعليقات
إرسال تعليق